السبت، 5 جوان 2010
السادسة
يمضي فترتي العمل الصباحية و المسائية منتظرا انتهاء الدوام بفارغ الصبر... يسارع بعد انتهاء الدوام إلى احد المطاعم التي اعتاد ارتيادها لتناول ما سيتناوله طعام للعشاء، يعتذر في معظم الاحيان من بعض زملائه لعدم قدرته على الالتحاق بهم في مقهى العادة حيث يلتقون كل ليلة ... يلمّح بعضهم في مكر إلى امكانية وجود موعد آخر، يكتفي بابتسامة صفراء لا تعني شيئا و لا تحمل أي اجابة، كمن يحاول التكتم على الامر.

يدخل المنزل مسرعا، يقوم بالضغط على زر تشغيل الحاسوب و يستغل في الأثناء ذلك الحيّز الزمني كي يقوم بتغيير ملابسه و تحضير قهوته... يأخذ جهاز الاتصال بشبكة الانترنات وقتا لا بأس به حتى يتم ربطه بالشبكة، يتذوق الرشفة الاولى و هو يأخذ نفسا من أول سيجارة من العلبة الأولى له... تحسّنت نوعية السجائر اخيرا، قل استهلاكه كثيرا خلال الفترة الماضية، حتى انه فكّر في الانقطاع عنه، إلا انه و مع تحسن النوعية وجد نفسه يعود شيئا فشيئا إلى سالف معدل استهلاكه بل و منذ ان اشترك بخدمة التدفق العالي ازداد معدل استهلاكه بدرجة أصبحت تقلقه.

يفتح صفحة الفايسبوك، أصبح أصحابه يعدّون بالمئات، لا يعرف منهم احدا سوى ثلاثة زملاء له في العمل، أضافهم إلى القائمة دون ان يجمعهم اي رابط، معظم أصدقائهم قد صاروا اصدقاءه هو أيضا، و اصدقاء أصدقائهم قد صاروا أصدقاءه أيضا، و هكذا دواليك: دورة لا تنتهي لصداقات وهمية لا يعرف لها أولا من آخر...

يمضي الليل في مشاهدة لقطات الفيديو، لا تكاد تنتهي لقطة حتى يجد عشرات قد أضيفت إلى صفحته بعدها، و يقوم أيضا بمشاركة كل لقطات الفيديو التي يشاهدها حتى يشاهدها أولئك الموجودون على قائمة أصدقاءه، يضيف إليها احيانا بعض التعاليق التي يرى أنه يجب عليه أن يضيفها... تنتهي علبة السجائر الاولى سريعا، يفتح العلبة الثانية و يأخذ قرارا أنه لن يدخّن منها سوى بضع سجائر فقط، و غدا لن يستهلك سوى علبة واحدة فقط... يلقى نظرة خاطفة على الساعة الحائطية، الساعة تتجاوز منتصف الليل بقليل

نشاط الفايسبوك عنده لا ينقطع... لديه أصدقاء من جميع أنحاء العالم، مهما كانت الساعة سيكون لديه بعض الموجودين، يدردش أحيانا مع بعضهم، سلام و تحية و سؤال عن الاحوال فانصراف، هكذا هي دردشة الفايسبوك، تعلم أيضا بعض الحيل، يضيف بعض الابتسامات للتعبير عن حالة نفسية ما، كما يستعمل بعض الأرقام لكتابة بعض الاحرف العربية، كالعين و الحاء و الخاء و الذال... يوجد لديه في قائمة الأصدقاء عدد لا بأس به من الشخصيات المعروفة، فنانون و رياضيون و سياسيون من اولئك الذين يراهم على التلفاز أو يقرأ عنهم و عن أخبارهم في تلك الصحف و المواقع التي صار مدمنا عليها...

كلما اتسعت رقعة أصدقاءه انتابه شعور العظمة يحسّ انه أصبح مهما، قريبا سيتجاوز عدد أصدقاءه الالف... من تراه سيكون سعيد الحظ، سيكون الاثنان سعيدا الحظ، ينتظر بلهفة تلك اللحظة، ينتظر ألفيته الاولى تماما كما انتظر العالم دخول الالفية الثانية منذ بضع سنوات، يعلم جيدا أن لا احد سيهتم لعدد أصدقائه و لكنه سيكون سعيدا، و هذا ما يكفيه كي يواصل إضافة الاصدقاء دونما هوادة

اشترك أيضا ببضع المجموعات و بعض الصفحات... ابتدأ الأمر مع مجموعة تونس على الفايسبوك، أضخم مجموعة تونسية على هذا الموقع، استجاب فورا حين وصلته الدعوة، ملأه احساس غريب بالنخوة و هو يضغط على زر الموافقة، حب الوطن إيمان عايش مع الإنسان، و من الوطنية ان يقبل الانضمام لتلك الصفحة، تماما كما قبل الانضمام لصفحة محبي رئيس الجمهورية، و لو كان هناك صفحات محبين للسادة الوزراء لانضم اليها ايضا...

يزداد الشعور لديه بالعظمة الفايسبوكية حين يقوم بعض أصدقاءه الفايسبوكيين باضافته لاحدى مقالاتهم أو صورهم... يستغل بعضهم عدد أصدقائه المرتفع نسبيا و لكن لا بأس في ذلك، ينتابه شعور بالفراغ يقطع عليه تلك الفرحة العارمة، ماذا يفعل هنا؟... ما السر وراء وجوده؟

لم يقدّم يوما إضافة واحدة، كل ما يقوم به هوإضافة الاصدقاء و مشاركة الصور و لقطات الفيديو و كل ما قد يجد تحته زر المشاركة، حتى انه احيانا يقوم بمشاركة حسابات أصدقائه، قام أيضا في بعض المرات بالتعبير عما يشعر به على حائطه و أعجب ذلك البعض و قام آخرون بالتعليق على ذلك

عليه ان يجد حلا، لا يمكنه الاستمرار على هذا النمط... غدا سيكون له شان كبير في هذا الفضاء الفايسبوكي و على شبكة الانترنت عموما... ذلك ما يدور بخاطره و هو يغلق على مضض الحاسوب و ينظر نظرة آخيرة للساعة الحائطية، تختلف الساعة في نهاية كل سهرة و لكن القاسم المشترك بين كل الأوقات أنها تتجاوز الثالثة صباحا دائما

يلقي بعلبة السجائر الثانية في سلة المهملات، و يستلقي على الفراش... يحمد الله انه قد قام بتغيير ملابسه أول السهرة و الا لاضطر للنوم بها.



0

الأربعاء، 2 جوان 2010
الخامسة
مضت بضعة أسابيع منذ ان اشترك بخدمة التدفق العالي للأنترنات...

طلب منهم أن يضعوا له جهاز حاسوب على مكتبه في العمل، اقترحوا عليه قبلا أن يكون له حاسوبه الخاص لكنه رفض ... ليس هناك ما يستدعي وجود مثل ذلك الجهاز في مكتبه، هناك ملفات و أوراق أهم شأنا من هذه الكماليات... لكن المرحلة الحالية أصبحت تقتضي وجود حاسوب أخذ حيّزا لا بأس به من مساحة المكتب، حتى انه إلى جانب ما يوجد فوقه من اكسسوارات، كان و لازال غير مقتنع بأي جدوى من وجودها، أصبح يستعصي عليه ايجاد مساحة كافية لكتابة تقرير ما في أريحية

أصبح على قناعة أيضا ان مردوده في العمل في تناقص ملحوظ، و ان لم يكن احد ليلحظ ذلك سواه، إلا أنه يشعر بتأنيب ضمير يولّد لديه شعورا بعدم الرضا عن نفسه... و لكنه رغم ذلك يواصل على نفس النسق

أصبح يتذمّر من روتينية العمل، كل الأيام أصبحت لديه متشابهة... اشتاق لتلك الايام التي كان ينغمس فيها في العمل لدرجة تجعله يضطرّ في بعض الاحيان يلازم مكتبه اوقات الغذاء، انخفاض مردوده جعله يلتزم بمواعيد القدوم و الانصراف، أصبح يخجل من مرؤوسيه الذين أصبحوا هم بدوره يلومونه على تاخّره... كان على يقين أن تفانيه في العمل هو الذي كان يجعلهم يغضّون الطرف عن تاخره الدائم عن الدوام، كما هو على يقين الآن ان استهتاره هو الذي يجعلهم يعاملونه كغيره من زملائه، الذين كان يراهم قبلا مستهترين... صار مثلهم الآن

تشغل كل هذه التطورات باله بل حتى انها تؤرقه و تقضّ مضجعه في احيان عديدة... و رغم ذلك يجد نفسه مواصلا على نفس الوتيرة

يجلس على مكتبه في الموعد المحدد... يفتح الحاسوب، أصبحت لديه قائمة من المواقع المفضلة في متصفح الانترنات، يستعمل نفس المتصفح في العمل و المنزل على حد السواء، و قائمة المفضلة تقريبا هي نفسها ايضا... يسارع بفتح إحدى الإذاعات المحلّية، تذيع بعض الأغاني الهادئة خلال الفترة الصباحية.

لا بد ان تكون فيروز حاضرة، ان لم يكن بأغنية فبأغنيتين... يعشق فيروز، تذكّره بفترة الدراسة الجامعية، و المبيت... تعرّف على فيروز خلال سنوات المبيت، كانت رفيقة درب الجميع خلال الفترة الصباحية حيث يستعد أولئك المواظبون الذين يقصدون الجامعة منذ الفترات الصباحية الاولى للانصراف... لازمته فيروز أيضا خلال فترات التحضير للامتحانات.

كان يمنّي النفس بالتخرج، ثم العمل... سيسكن وحيدا، لن يكون له شريك في السّكن، سيفيق على صوت فيروز و سترافقه عند أول سيجارة يشعلها أثناء
تحضيره لفنجان القهوة الذي سيشربه قبل ان يستعد للانصراف... ستكون له سيارة ايضا، و سترافقه فيروز خلال طريقه إلى العمل.

لم يخب امله، تخرّج سريعا، و لم تدم فترة بطالته إذ سرعان ما التحق بالعمل باحدى المؤسسات التي سبق له ان تربّص بها خلال دراسته الجامعية... كان وحيدا في السكن كما اراد، يسمح له مرتّبه بذلك، اشترى جهاز استيريو ذو أبواق كبيرة الحجم، قال له البائع أن صوتها ثلاثي الأبعاد، كان ذلك مدوّنا على العلبة أيضا، لكنه لم يصدّق المعلومة إلا حين أكّدها له زميله الذي رافقه أثناء عملية الشراء، كما اكد له ان السعر مناسب مقارنة بنوعية السلعة، يرغب دائما في رفقة خلال أي عملية شراء... اشترى بعض الاسطوانات الليزرية لفيروز، اشترى معظم اسطواناتها التي وجدها بالمحل

لم يفتح سوى بعض الأسطوانات، و لم يستمع البتة لفيروز صباحا، و لا حتى مساء... حتى تلك الاسطوانات التي فتحها، كان ذلك فقط بدافع الفضول و على سبيل التجربة ليس إلا... حتى بعد اشتراءه للسيارة، وضع بها العديد من تلك الاسطوانات، و مازال معظمها محافظا على غلافه البلاستيكي لم يفتح بعد.

أصبح الآن يستمع لتلك الأغاني التي تبثها الموزاييك صباحا، و ان لم يكن على اتفاق مع ذوق من اختارها الا انه يواصل الاستماع كل صباح... ثم يقوم بجولة على الصحف الوطنية، يقرأ ما ساتجد على صفحاتها، بعض تلك الجرائد يجدها احيانا على سطح مكتبه، لم يفتح جريدة يوما منذ ان انتقل الى هذا المكتب... كان ينهمك في عمله منذ اللحظة الاولى لجلوسه إلى حين نهوضه، اما الآن فقد أصبح يجد متعة في قراءة الخبر على موقع الصحيفة ثم اعادة قراءته على صفحاتها المورّقة... يحس بفخر كبير حين يكتشف بعض التحويرات الطفيفة التي لا يكتشفها إلا أولئك الذين يتمتعون بدقة كبيرة

تمضي الفترة الصباحية و هو يراوح بين الاستمتاع بقهوته الصباحية على نغمات اغنية لا يستصيغها، لكنها اغنية جميلة بالتاكيد، ثم قراءة لأهم ما ورد على صفحات الصحف و المجلات الورقية و الالكترونية... أصبح ملما بجميع الشؤون الوطنية و حتى العالمية منها، لم يكن يوما كذلك.... كان ذلك المذيع على حق حين قال أن الانترنات قد حوّل العالم إلى قرية صغيرة... صغيرة جدا

يمضي فترة الغذاء مع زملاءه في احتجاج متواصل حول قطع المسؤول عن الشبكة لامكانية الدخول لموقع الفايسبوك... يستطيع هو الدخول إليه، ضبطه ذات مرة و هو يبحر عبر الفايسبوك، يستمتع هو بينما يعاني البقية من الحرمان

يمضي بعضا من الفترة المسائية في مواصلة الحوار الاحتجاجي مع بعض من زملائه في العمل... و بعض من العمل حتى لا تتعطّل دواليب الإدارة، و يستمرّ الحال.

كان على قناعة بتفاهة ما آل إليه أمره... و رغم ذلك يجد نفسه مجبرا على المواصلة،
دون ان يدري لذلك سببا.


0

الأحد، 30 ماي 2010
الرابعة
استيقظ من النوم... نظر إلى الساعة المعلقة على الحائط، السابعة و النصف صباحا.

قد يتأخر عن العمل، لكن لا بأس في ذلك... ترتسم ابتسامة خفيفة على وجهه حين يتذكر مجريات ليلة البارحة... أخيرا أصبح له حساب خاص على الفايسبوك، الفرحة ليست في تمكنه من فعل ذلك، بل كونه أصبح كغيره من زملائه في العمل... أصبح فايسبوكيا.

ينتهي بسرعة من حمامه الصباحي... يقف أمام المرآه، ملابسه التي نام بها رثة و حالته تدعو إلى الشفقة، لكن لا بأس بذلك، لم يهتم احد لحاله و لا يعتقد أن إحداهن قد تهتم لحاله
اليوم، يمكنها ان تؤجل ذلك ليوم آخر إن كانت مصرّة على ذلك... يقف أمام الحاسوب، يلقي نظرة أخيرة على صفحة الفايسبوك، و يقطع الكهرباء مباشرة على الجهاز، لم يعد لديه متسع من الوقت حتى ينتظر اجراءات الإغلاق الآلي التي نصحه الجميع بضرورة اتباعها.

يشغّل الهاتف الجوال، يضع سماعة البلوتوث في أذنه، يشغل المذياع و يعدّل مستوى الصوت ثم يربط الحزام... وضعيته قانونية، لن يضطر لقطع الاتصال وغلق الهاتف حين يلمح إحدى الدوريات عن بعد، او يضطرّ لتملّق ذلك العون و مجاراته فيما يرغب لمجرد انه يمسك الهاتف بيده و المقود باليد الاخرى... تنصّ ابجديات السياقة التي تعلمها أثناء سعيه للحصول على رخصة على وجوب مسك المقود بكلتا اليدين، و لكنه لا يتذكر التزامه بهاته القاعدة البتة... يمسك المقود بيد واحدة بينما تكون الأخرى منشغلة ببعض الامور الاخرى، حتى حين لا يجد لها شيئا تفعله، يخرجها من الشباك سعيا لتحسس الرياح و تقدير مستوى سرعتها... و منذ صدور القانون الجديد وجد نفسه مضطرا لاشتراء سماعة بلوتوث... أعلمه البعض انه قد يمكن اعتباره مخالفا لو لمح عون المرور طرف خيط السماعة التقليدية المتدلي من اذنه، و يعلم عن تجربة انه بوسعهم رؤية ذلك متى أرداوا رؤيته... وجد ان الحل في سماعة البلوتوث، لم يرد ذكرها في نص القانون و لن يرد ذكرها في القريب العاجل، حتى إن فعلوا، ستكون احد التكنولوجيات الحديثة قد برزت لتمثل ثغرة في تنفيذ ذلك القانون

يجري بعض الاتصالات الروتينية التي اعتاد اجراءها كل صباح، يُطمئن الوالدة على احواله و بذلك يَطمئنّ بدوره على أحوالها، يتصل ببعض الأصدقاء، و بزميل له بالعمل يعلمه باحتمال تاخره اليوم... يتاخّر يوميا هعن العمل و لكن تأخره اليوم سيكون اكثرمن المعتاد، لا يذكر انه قد وصل يوما في الموعد المحدد كبقية زملائه الذين يضطرّون عن طيب خاطر لترقيم بطاقته.

يركن السيارة في المكان المعتاد له، و يلقي نظرة تأملية على بقية السيارات الموجودة بالموقف، جميعهم هنا... يقف أمام الدرج المؤدي إلى المدخل، يبتسم ابتسامة خفيفة حين يتذكر مجريات أحداث الليلة الفارطة، لن يكون مغيّبا في احاديثهم بعد الآن، كل له فايسبوكه.

مر اليوم ثقيلا جدا... يحس بإنهاك لم يشهد له مثيلا منذ زمن بعيد... ارتمى على الفراش بثيابه التي نام بها ليلة البارح، لم يفكّر حتى ان ينزع حذاءه... فكّر في الأمر لبعض لحظات، لو نزع حذاءه، عليه أيضا نزع جواربه و من ثمة غسل ساقيه حتى لا تنتقل رائحتهما إلى اللحاف... قد لا يعير بالا لمثل تلك الروائح التي لا يكون لها تاثيرمباشر على رغبته في النوم متى أراد ذلك، لكن صديقته السابقة كانت تنفر كثيرا من تلك الرائحة، انصرف كل الى حال سبيله و ليست له صديقة الآن و لكن عليه أن يعوّد نفسه، فقد تكون صديقته القادمة كسابقتها حساسة لمثل هذه الامور.

لم يتجادذبوا اطراف الحديث كالمعتاد، كان العمل متراكما لدرجة قلما عهد لها مثيلا... أعلم أحد أصدقائه باشتراكه في خدمة التدفق العالي و امده باسمه تماما كما دونه على حساب الفايسبوك، تذكر و هو يمدّه باسمه ان عليه ان يكتبه على بضع قصاصات ورقية ليوزعها على بقية الزملاء، و تذكّر ان هناك بعض القصاصات التي سبق له ان دوّن عليها بعض الملاحظات عليه اخذها من درج مكتبه، قد تصلح له المعلومات التي تحتويها خلال إبحاره عبر الشبكة العنكبوتية...

ابتسم و هو يتذكر الكابوس المزعج الذي تعرض له ليلة البارحة، تذكر ايضا انه لم ينم جيدا، و تذكر صديقة حين أعلمه بكل اسف ان الإدارة المسؤولة عن شبكة الإعلامية قد قررت منعهم من الدخول لموقع الفايسبوك، تذكر أيضا صديقته السابقة، ابتسم و هو ينهض من مكانه و يضغط على زر تشغيل الحاسوب

لم يلتقي بزميله الذي شاهده البارحة في الكابوس، و لم يرغب في أن يطرح تساؤلاته على بقية الزملاء خوفت من ان يكون محل سخريتهم... الحاسوب يعمل، ينتظر بكل لهفة اخضرار الزر الاحمر، لحظات عصيبة تمر كأنها ساعات

اشتعل الزر الاخضر، أسرع يفتح الفايسبوك... تنفّس الصعداء حين وجد أن حسابه قد فتح مباشرة، لم تقم الداخلية و من وراءها المخابرات و من ورائهم جميعا السي أي آي بإغلاق الحساب او قرصنته... دوّن اسم صديقته على خانة البحث، و دهش حين وجد صورتها، ازدادت جمالا عن آخر عهده بها

أصبحت على علاقة بشخص آخر... رغب في إضافتها كصديقة لكنه تراجع، تراكمت عدة تساؤلات في ذهنه محاولا تكهن رد فعلها حين تعلم انه يريدها صديقة من جديد، قد تعتقد انه يرغب في إعادة المياه إلى مجاريها، قد تعتقد أنه يريد التجسس عليها و على آخر اخبارها، قد تهزأ منه و ترفض الدعوة... يقرر اخيرا عدم دعوتها، لا ينكر اشتياقه إليها، لكن كرامته تبقى فوق كل اعتبار... فلتذهب إلى الجحيم، كان ذلك ما ردده في قرارة نفسه و هو يضغط على الزر الخاص بإضافة صديقها.


0